اثنا عشر عامًا من العبودية

أيـام السـنة. وكان البيـض يأتـون بأعـداد كبيـرة لمشـاهدة ابتهـاج العبيـد. وبعـد الطعـام يبـدأ الرقص والعـزف علـى آالت البانجـو اإلفريقيـة، وأقـوم أنـا بالعـزف علـى الكمـان الـذي اشـتهرت بإجادتـه، وصـار سـيدي يؤجرنـي لمـن يطلـب مـن المـاك أمثالـه، وأمنـح منهـم بعـض اإلكراميـات. واحســرتاه! ال أعــرف كيــف كنــت ســأحتمل ســنوات عبوديتــي الطويلــة المريــرة لــوال كمنجتــي الحبيبـة. لقـد فتحـت لـي أبـواب المنـازل الكبيـرة، وأعفتنـي مـن الكثيـر مـن األعمـال اليوميـة الشـاقة فـي الحقـل، وكثيـرًا مـا أخذتنـي بعيـدًا عـن سـيدي قاسـي القلـب. كانـت رفيقتـي وأنيسـتي تصـدح عاليًــا متـى كنـت سـعيدًا، وتترنـم بمواسـاتها الناعمـة الهادئـة إذا كنـت حزينـا.. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ، اســتقدم ســيدي إبــس نجــارًا مــن المدينــة لبنــاء منــزل خشــبي لــه، فجــاء 1852 فــي شــهر يونيــو ومعـه مسـاعدوه وُضممـت إليهـم لسـابق خبرتـي بالنجـارة. كان بينهـم شـخص يدعـى بـاس كان شـديد الهـدوء رابـط الجـأش مغرمـا بالنقـاش، متسـامحًا طيـب القلـب وفاعـل خيـر، وكان اليخفـي رأيــه فــي رفــض العبوديــة أثنــاء نقاشــه مــع النجــار. رأيــت بيقيــن أنــه ضالتــي، لذلــك كنــت حريصًــا علــى التقــرّب إليــه، حتــى جــاء وقــت كنــا معًــا وحدنــا فــي مــكان العمــل، فســألته بلطــف: ســيد بــاس، هــل لــي أن أســألك مــن أي مدينــة أتيــت؟ فأجــاب: لمــاذا يــا بــات ؟ فيــم تفكــر؟ ال أظنــك سـتعرف المـكان لـو قلـت إنـي مـن كنـدا، فقلـت مـن فـوري: بـل أعـرف أيـن كنـدا، وكنـت هنـك مـن قبـل.. فـي مونتريـال وكينجسـتون وكوينسـتون، وذهبـت إلـى واليـة يـورك فـي بافالـو وروتشسـتر وألبانــي، ويمكننــي أن أخبــرك بأســماء القــرى علــى قنــاة إيــري وشــامبلين.. اسـتدار الرجـل إلـي، وحـدق فـي طويـا ثـم قـال: كيـف أتيـت إلـى هنـا؟ رحـت أرجـوه أن يحفـظ سـري فأكـد لـي ذلـك، فاتفقنـا علـى اللقـاء فـي منتصـف الليـل، ورويـت لـه مأسـاتي، فتأثـر بعمـق وكتـب المعلومــات اللزمــة ووعدنــي ببــذل كل جهــد لعتقــي مــن العبوديــة، وأوصانــي بالتــزام الصمــت وشـدة الحـذر. وصـدق الرجـل وعـده، فعندمـا ذهـب إلـى المدينـة كتـب الرسـائل وأرسـلها. وأسـتطيع تخيـل مـا أحدثتـه الرسـائل فـي قلـوب أهلـي ومعارفـي، ومـا بـذل مـن مجهـودات واتصـاالت بالحاكم وإعــداد كل األوراق والشــهادات اللزمــة. أخيــرًا يــا إلهــي جــرت الريــاح كمــا أتمنــى وإن يكــن ببــطء وحـذر، وتـم تعييـن صديـق العائلـة المستشـارالقانوني النبيـل هنـري بـي نورثـوب وكيـا لـه مطلـق الصلحيـات لتنفيـذ اسـتعادتي، وكُلّــف بالسـفر إلـى لويزيانـا مـع الوفـد المناسـب للمهمـة. عبــر رحلــة شــاقة وصــل الســيد نورثــوب إلــى ماركســفيل القريــة التــي أرســل منهــا الســيد بــاس الرسـائل، وراح يتحـرى فـي حـذر، فقـد اتضحـت لـه صعوبـة العثـور علـي إال بمسـاعدة مـن يعرفنـي

13 | اثنا عشر عامًا من العبودية

Powered by