اثنا عشر عامًا من العبودية

أو مـن كتـب الرسـائل. ويبـدو أن القـدر كان معـي هـذه المـرة، فقـد اهتـدى إلـى السـيد بـاس الـذي كان معروفًــا بآرائــه المناهضــة للعبوديــة، وبعــد حــوار معــه واكتســاب ثقتــه قــال بــاس: نعــم أنــا مـن كتـب الرسـائل، وأنـا سـعيد لرؤيتـك ومجيئـك إلنقـاذ سـولمون نورثـوب وهـو اآلن عبـد لـدى إدويــن إبــس فــي مزرعتــه فــي بايــو بــوف، وليــس معروفًــا هنــا باســم ســولمون نورثــوب، وإنمــا يدعونــه بــات. وهكــذا تــم الكشــف عــن الســر، وعبــر الســحابة الســوداء الســميكة، ومــن بيــن ظللهــا الســوداء البائسـة التـي أطبقـت علـي اثنـي عشـر عامًــا، نفـذ الضـوء الـذي سـيرد لـي حريتـي. وبسـرعة وسـرية اتخـذت كل اإلجـراءات القانونيـة، وفـي منتصـف الليـل أصـدر القاضـي أمره وكلّف مسـئول الشـرطة بالتحـرّك فـورًا مـع المستشـار نورثـوب إلـى مـكان وجـودي. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ كان الجـو فـي ذلـك الصبـاح شـديد البـرودة يجمـد أصابعنـا ويعـوق أداءنـا للعمـل بسـرعة فـي الحقل، ورآنــا إبــس فثــار مهــددًا بأنــه ســيدفئنا فــي الحــال، وأســرع إلــى المنــزل ليحضــر الســوط، ومــن بعيــد ظهـر القادمـان، ونـزال مـن العربـة واتجهـا إلينـا وسـألنا مسـئول الشـرطة: أيـن الفتـى الـذي يدعونـه بــات؟ فأشــار أحــد رفاقــي إلــي قائــاً: هــذا يــا ســيدي. فاتجــه إلــي ســائلً: اســمك بــات؟ أجبــت: نعـم يـا سـيدي. فأشـار تجـاه الرجـل الـذي جـاء معـه وكان غيـر بعيـد عنـا، وسـألني: هـل تعـرف هـذا الرجــل؟ نظــرت محدقًــا فــي ملمحــه، واجتاحــت عقلــي صــور آالف الوجــوه التــي أعرفهــا: زوجتــي وأوالدي وأصدقائــي ومعارفــي، حتــى تجلــت لــي ملمــح هــذا الرجــل، فرفعــت يــدي إلــى الســماء، وصرخـت بأعلـى صـوت: هنـري بـي نـور ثـوب.. شـكرًا للـه.. شـكرًا للـه! واتجهـت مندفعًــا نحـوه، لكـن مســئول الشــرطة وقــف أمامــي قائــاً: انتظــر، هــل لــك أي اســم آخــر ســوى بــات؟ قلــت: اســمي هـو سـولمون نـور ثـوب يـا سـيدي. وهـل لديـك أسـرة؟ نعـم زوجتـي آن وأوالدي إليزابيـث ومارجريـت وألونــزو. ومــا اســم زوجتــك قبــل الــزواج؟ قلــت: آن هامبتــون. ومــن زوّجــك إياهــا؟ تيموثــي إيــدي مــن فــورت إدوارد. ســأل وهــو يشــير إلــى المستشــار نورثــورب: وأيــن يعيــش هــذا الرجــل؟ يعيــش فـي سـاندي هـل مقاطعـة واشـنطن نيويـورك. ولـم أنتظـر مزيـدًا مـن األسـئلة، واندفعـت متشـبثًا بصديقـي القديـم وبكيـت. وأخيـرًا قـال: كـم أنـا سـعيد برؤيتـك يـا سـول! ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ كان موقـف مغادرتـي مذهـا لرفاقـي العبيـد فـي المزرعـة، حتـى إن باتسـي راحـت تبكـي بمـرارة. كمــا كان صدمــة أثــارت غضــب الســيد إبــس وأســف زوجتــه الطيبــة، لفقدهــا مــن يعــزف علــى

14 | اثنا عشر عامًا من العبودية

Powered by