كنــت شــابًا مجتهــدًا، وعملــت فــي أعمــال كثيــرة وأماكــن عديــدة فــي بــاد الواليــة وفــي كنــدا أيضـا. عملـت فـي الزراعـة، وفـي إصـاح قنـاة شـامبلين، وفـي النقـل باألطـواف فيهـا، وفـي قطـع األخشــاب، وفــوق ذلــك فــي فــن العــزف علــى الكمــان، كمــا اشــتهرت زوجتــي كطاهيــة ماهــرة فـي فنـون الطهـي، وعملـت فـي أكثـر مـن مطبـخ شـهير. وهكـذا لـم يكـن فـي سـجل حياتـي أي شـيء غيـر مألـوف.. الشـيء إال اآلمـال العاديـة والحـب والعمـل لرجـل أسـود مغمـور، يحـرز تقدمًــا متواضعًــا فـي هـذا العالـم، حتـى دهمتـه غيـوم كثيفـة مظلمـة، لـم تخطـر يومًــا علـى بالـه.. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ، لـم يكـن هنـاك عمـل يشـغلني، فرحـت 1841 فـي صبـاح أحـد األيـام مـن أواخـر شـهر مـارس عـام أتجـول فـي قريـة سـاراتوجا مفكـرًا فـي كيفيـة الحصـول علـى عمل، بينما ذهبـت زوجتي آن كعادتها إلـى عملهـا كمشـرفة علـى الطهـي فـي سـاندي هـل علـى مسـافة عشـرين ميـاً. وعنـد ناصيـة شـارع قابلـت رجليـن يبـدوان محترميـن، ويظهـر أن أحد معارفـي دلهما عليّ، وعرفهما أننـي عـازف ماهـر علـى الكمـان، فأخبرانـي بأنهمـا علـى صلة بشـركة سـيرك، وحاليـًـا يقومان بعروض خاصـة فـي نيويـورك ويحتاجـان لموسـيقي يرافقهمـا لفتـرة قصيـرة، وعرضـا علـي مرافقتهمـا بأجـر مناسـب. وفـورًا قبلـت العـرض، واعتقـدت أننـي سـأرجع بعـد بضعـة أيـام، ربمـا قبـل عـودة زوجتـي مـن عملهـا فـي سـاندي هـل. فــي الطريــق توقفنــا عنــد فنــدق فــي إحــدى المــدن الصغيــرة، حيــث قدمــا عرضهمــا بمرافقــة موسـيقاي، وفـي اليـوم التالـي واصلنـا الرحلـة إلـى نيويـورك، وفيهـا أخذنـا أمتعتنـا إلـى منـزل فـي الجانـب الغربـي مـن المدينـة، وأثنـاء حديثنـا شـرعا يلحـان علـي كـي أواصـل معهمـا حتـى واشـنطن، ووعدانـي بعمـل جيـد وأجـر مرتفـع إضافـة إلـى مزايـا مغريـة جعلتنـي أقبـل العـرض.. فــي الصبــاح، اقترحــا أن نحصــل علــى وثائــق الحريــة قبــل مغادرتنــا نيويــورك، ألننــا ســندخل واليــة تجيــز العبوديــة، فوجــدت الفكــرة حكيمــة برغــم أنهــا لــم تخطــر ببالــي قبــل اقتراحهمــا، وبالفعــل قضينـا معظـم اليـوم بيـن مصلحـة الجمـارك ومكتـب الموثـق ودفعنـا الرسـوم المقـررة، وحصلـت علــى الوثائــق النهائيــة المثبتــة أنــي إنســان حــر. ركبنــا العبّــارة إلــى مدينــة جيرســي ثــم المركبــات، حتــى وصلنــا واشــنطن بحلــول الليــل، فــي الليلــة الســابقة لجنــازة الرئيــس الجنــرال هاريســون، ونزلنــا فــي فنــدق، وبعــد العشــاء اســتدعياني حيــث دفعـا لـي مبلغًــا أكبـر مـن أجـري، ونصحانـي بعـدم الخـروج إلـى الشـارع فـي الليـل، ممـا زاد ثقتـي بهمــا. وفــي اليــوم التالــي شــهدت واشــنطن موكبًــا جنائزيًــا حافــا صاحبــه هديــر المدافــع وقــرع
3 | اثنا عشر عامًا من العبودية
Powered by FlippingBook