اثنا عشر عامًا من العبودية

الحيـاة، وجعلتـه مفعمـًـا بالمشـاعر شـأن مخلوقاتـك األخـرى، ال تتخـل عنـي، أسـألك الرحمـة والرفق بعبـدك المسـكين، التقـدر علـي هلكـي، فحمايتـك دونهـا الهـاك.. الهـاك! طــوال النهــار والمطــاردون بكلبهــم المتوحشــة خلفــي وطــوال الليــل، وأنــا أجــري خائفًــا حافيًــا جائعًــا عطشـًـا وسـط األشـواك واألغصـان المتشـابكة فـي الغابـات المليئـة بالوحـوش البريـة، وعبـر المســتنقعات الخطــرة حيــث التماســيح والثعابيــن الســامة، وفــوق األرض الجــرداء الملتهبــة مــن حــرارة الشــمس، حتــى غطــت جســدي الجــروح والدمــاء، وتقطــع مــا علــي مــن أســمال، ثــم كان هنــاك الفــزع مــن أن يرانــي شــخص أبيــض، ألن مــن حقــه أن يعتقلنــي ويــزج بــي فــي الســجن. مـع انبـاج الفجـر وصلـت إلـى أرض مفتوحـة، وظهـر لـي شـخصان: عبـد وسـيده الشـاب منخرطـان فــي صيــد الخنازيــر البريــة. كان منظــري مروعًــا وألهمــت أن أتصــرف متصنعــا الشراســة، وبادرتهمــا بالسـؤال: أيـن الطريـق إلـى مزرعـة وليـام فـورد؟ فأجابـا بخـوف: وراء أشـجار الصنوبرهنـاك. وبـدون أي كلمـة أخـرى اندفعـت مسـرعًا سـعيدًا وهمـا سـعيدان مـن دون شـك باالبتعـاد عنهمـا، حتـى وصلـت إلـى بيـت فـورد، حيـث لقيـت مـا يكفـي مـن العنايـة واألمـان والعـاج، بعـد تجربـة فـراري المأسـاوية. بعـد ثلثـة أيـام تعافيـت وعـدت إلـى العمـل، وأنقـذت مـن شراسـة تيبيتـس بـأن اسـتأجرني سـيد آخـر يدعـى إلـدرت للعمـل بمزرعتـه المجـاورة، ثـم كانـت النجـاة النهائيـة مـن شراسـة تيبيتـس أن اشـتراني سـيد آخـر هـو إدويـن إبـس الـذي قضيـت معـه عشـر سـنوات هـي بقيـة فتـرة العبوديـة. وهكـذا، لـم أعـد ملـكًا لتيبيتـس، لـم أعـد كلبـه وال بهيمتـه، ولـم أعـد أخشـى غضبـه وال ثورتـه وال بطشـه ليـل نهـار. وأيـا كان سـيدي الجديـد، أو أيـًّـا كان طبعـه، فلـم أكـن أشـعر باألسـف علـى االنتقـال إليـه بـأي حـال. لقـد تنفسـت الصعـداء مرتاحًــا فـي مـكان إقامتـي الجديـد ألول مـرة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ كان سـيدي الجديـد إدويـن إبـس رجـا طويـا ضخـم الجثـة سـمينًا وممتلئـًـا، أمـا تعبيـر وجهـه فـكان حــادًا وفضوليًــا، وســلوكه فظًــا ومنفــرًا، وفــي لغتــه وألفاظــه دليــل واضــح علــى أنــه لــم ينــل أي قســط مــن التعليــم أو التهذيــب . كان مغرمًــا بقنينــة الشــراب حتــى إنــه كان يثمــل أحيانًــا لفتــرة تتجـاوز أسـبوعين كامليـن، لكنـه أصلـح مـن عادتـه مؤخـرًا جـدًا، المؤلـم أنـه كان يجـد قمـة اسـتمتاعه بالرقــص مــع عبيــده مــن الزنــوج وضربهــم بســوطه الطويــل علــى ظهورهــم، فقــط للســتمتاع بصياحهـم وصراخهـم، خاصـة حيـن يوجـه طـرف سـوطه ببراعـة خبيثـة تميـز بهـا إلـى منطقة حساسـة مـن أجسـادهم. لفـت نظـري فـي مزرعتـه أنهـم يسـتخدمون الثيـران والبغـال فـي الحـرث، وكثيـرًا مـا كانـت النسـاء

9 | اثنا عشر عامًا من العبودية

Powered by